إعداد الشيخ علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
الرياض 1423هـ/2002م
ثبت بمخطوطات شيخ الإسلام أحمد بن تيمية
التوطئة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً . أما بعد : فإن طلب العلم من أنفع القرب إلى الله سبحانه وتعالى ، والاشتغال به وتحصيله والدلالة عليه من ذلك ، لا سيما علوم الأئمة الراسخين في العلم من علماء الإسلام الذين عرفوا بالتحقيق والبصيرة والتثبت فيه ، ومن بهم حفظت معالم الدين ، والذين لا يكاد يستغني عن علومهم المبثوثة في تصانيفهم أحد ممن جاء بعدهم . ومن هذا ما عرف عن شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الحراني ( ت 728هـ ) ، وتلميذه أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ( ت 751هـ ) ، وتلميذه أبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي ( ت 795هـ ) ، رحمة الله عليهم جميعاً . وسبق أن طبعت قائمة ببعض مخطوطات شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة كتابيه : " قاعدة في الرد على الغزالي في التوكل " ، و " مسألة في الكنائس " ، ضمت أزيد من ستين ومئتي عنوان ( 260) ، على تفاوت بين الكتابين . وقد لاقت ـ ولله الحمد ـ قبولاً بين المحبين من المشايخ ، وطلبة العلم ، وكان لها موقع حسن بين المشتغلين بتحقيق تراث أهل السنة والجماعة خصوصاً ، خلا ذوي الأهواء والأغراض والأحقاد الذين غاظهم وأحنقهم ذا ؛ { وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور } . وأيضاً لتوجيه نظر الباحثين إلى العناية بكتب هؤلاء الأئمة بضبطها وحذقها ؛ تسهيلاً لقراءتها وفهمها . كل هذا وغيره كان دافعاً إلى المزيد من الجمع والمراجعة والبحث عن مخطوطات أولئك الأعلام .
ومما يجدر ذكره أن النية توجهت إلى إخراج مؤلفات ابن تيمية لوحده ، ولكن في آخر الأمر أشار بعض المشايخ بإلحاق ما تجمع عندي من كتب العلامة ابن القيم ، فصادف ذلك رغبة مني وتوجهاً ، ثم أضفت إليها مؤلفات ابن رجب .
وأصل هذا الثبت هو أنني كنت أطالع فهارس المكتبات ، والمجموعات الخطية العامة والخاصة ـ بعد انتهائي من السنة المنهجية في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ـ للوقوف على كتاب من تراث علمائنا السلفيين ، ممن عُنوا بالتصنيف في أصول مذهب أهل السنة والجماعة والرد على مخالفيهم من المبتدعة وأهل الأهواء ؛ ليكون موضوعاً في بحث درجة التخصص " الماجستير " . ومن خلال هذه المطالعة ، كان يمر بي كتب ورسائل للشيخ ابن تيمية ، ولم أكن مهتماً حينئذ بتقييدها ؛ لأنني كنت متصوراً عدم جدوى هذا الأمر ، إلا أنه بعد مدة بدا لي أن أقيد ما يلاقيني من رسائله ضمن فهارس محددة جعلتها لهذه المهمة .
وهذا خاص برسائله وفتاواه غير المشتهرة ، أو بما قد أفيد به الإخوان ؛ إذ كثر السؤال عن مخطوطات الشيخ ، خصوصاً كتبه الكبار ، التي هي في عداد المفقودات كأجوبة الاعتراضات ... إلخ ، وهكذا الحال مع مؤلفات ابن القيم ، لم أعتن بذلك إلا قبل إعداد هذا الثبت بمُديدة ، بعد مشورة مَن رأى جعل مؤلفاته ملحقة بقائمة شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ تتميماً للفائدة .
ولما طبعت القائمة أولاً في مقدمة كتابي الشيخ اقترح عليّ بعض المشايخ(1) مقابلة هذه الرسائل والفتاوى المجموعة ، مع ما ضمنه الشيخ العلامة عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي وابنه محمد ، في مجموع فتاوى شيخ الإسلام وقبلهما المجموعات التي طبعت للشيخ كمجموعة كردستان ومجموعة الرسائل والمسائل طبع رشيد رضا وغيره ، ثم بعدهما مجهود الدكتور رشاد سالم في المجموعتين الكبار والرسائل الصغرى ؛ ليلاحظ ما سبق أن طبع مع ما لم يطبع .
ومع قبولي باقتراحهم ، إلا أنني بعدُ لم أعمل به لعدة أمور :
1- عدم وقوفي على الأصول الخطية لكثير من الرسائل المذكورة في هذه القائمة ؛ حتى أقابلها مع ما جمعاه في المجموع .
2- رأيت أن بالإشارة إلى ما طبع منها في المجموع صرفاً لاهتمام طلاب العلم عنها ، ولا يخفى حاجة كثير من مضامين مجموع ابن قاسم ، والفتاوى الكبرى ، وجامع الرسائل والمسائل ـ وغيرها مما جَمَعَتْ رسائل الشيخ ـ للتوثيق والتحقيق ، وتحقيق نسبته إليه .
3- أن بهذا العمل ـ لو كان ـ إراحة لطالب العلم عن مراجعة الرسائل والبحث عنها ضمن المجموع ، وهو ما أريده أن يمارسه ويتعود عليه ؛ لأن ما جاء سهلاً ذهب مثلما جاء . مع قناعتي بفائدته لعموم المشتغلين بتراث الشيخين ليقفوا عليه ؛ هل هذه الرسائل مطبوعة أم لا ؟ ولكن لتعارض المصلحتين قدمت أظهرهما عندي ، فأغفلت هذه الإشارة ، وهي وجهة نظر ليس إلا ! ولربما تتغير .
وجاء هذا الثبت بزيادات كثيرة عن أصله ـ سالف الذكر ـ حيث حوى من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن مؤلفات تلميذه العلامة ابن القيم وكذلك الحافظ ابن رجب ما يزيد على الضعف . كما أنني أطمع أن يحوي في طبعاته القادمة ـ بإذن الله ـ زيادات أكثر ؛ لأن هذا الفن يتجدد كل يوم وتزداد العناية به وبخروج الفهارس والعثور على المخطوطات وفهرستها ، مع استحضار كثرة مؤلفات شيخ الإسلام وانتشارها في وقته ، فكيف من بعده ؟ وكذا الحال تقريباً مع مؤلفات ابن القيم . وإن المشروع الذي أعددته ثم تبنته لجنة تنسيق الدراسات العليا بكلية أصول الدين ، بإعداد قائمة ضمت نحواً من ثلاثمائة كتاب من كتب أصول السنة من التي اعتمدها وأثنى عليها الشيخان : ابن تيمية وابن القيم ، وكانت من أهم مواردهما ، التي ترجمت إلى اللغات العربية والتركية والإنجليزية ، وراسلت بها أكثر من ستمائة جهة علمية في العالم ـ أقول : هذا المشروع فتح أمامي آفاقاً رحبة في تبني هذا العمل وبذل الجهد فيه ، عساه أن ينفعنا ، ونتخذه ذخراً وزلفى .
طريقة ترتيب هذا الثبت :
هي طريقة مختصرة ؛ حيث قيدته أولاً لنفسي ، فكان يكفيني قليل من المعلومات البطاقية ، وهي : عنوان المخطوط ، ومكان حفظه ورقمه وصفته : من جهة عدد صفحاته أو ورقاته ونوع خطه ، وسنة نسخه وناسخه ، إن وجد .
ولأن تدوين جميع المعلومات يستغرق وقتاً لا يتناسب مع كثرة الفهارس ، ومع المدة التي حددتها لاستعراضها ؛ فلذا كانت المعلومات عن كل مخطوط مقتضبة . وجاءت هذه القائمة مرتبة على حروف الهجاء في الجملة .
وثمة أمر أحب التفطن إليه ، هو أن أسماء الكتب والرسائل والفتاوى على نوعين :
أسماء الكتب الكبار ، وهذه غالبها مشهورة ، وتكون من مؤلفها .
الرسائل والفتاوى أغلبها اجتهادي من ناسخها ، أو مالك النسخة ، أو قارئها أو المفهرس أو من وجهت إليه الرسالة ، وذلك لأنها تصدر عن الشيخ أجوبة لمسائل أو طلب تقرير أمر معين : عقيدة ، أو فقهاً ، أو مناظرة ...
ولأجله ربما تُوجد رسائل في غير مكان اسمها الصحيح ـ وهو
واقع ـ لهذا السبب فليلاحظ ، وأيضاً ربما تتكرر الرسالة بأكثر من عنوان ، أو يكون بعضها مستلاً من مطولات كتب الشيخ .
وسأثبت ما وجدته في الفهارس والمجاميع بعنوانه الذي سطر به هناك ، حتى لو تكرر في الرسالة الواحدة أكثر من عنوان !
وما حقق من هذه الكتب والرسائل تحقيقاً علمياً ، أو هو في قيده ، فإني أشير إليه في الحاشية مشيراً إلى اسم محققه وسببه ، وأرجو ممن لم يذكر تحقيقه لأي من المخطوطات المذكورة إفادتي عن ذلك ، مع بيان الأصول التي اعتمدها ، أو بصورة من عمله .
هذا ؛ وقد قدمت بين يدي ذلك ترجمة الإمام الذهبي لشيخه تقي الدين ابن تيمية ، وهو الذي سبق أن طبعته مع الكتابين المذكورين للشيخ عن أصلين خطيين : أحدهما لدينا في جامعة الإمام عن تشستربتي بدبلن ، والثاني في جامعة ليدن بهولندا ، وهي ترجمة حافلة على اختصارها ، ولها معانٍ ومغاز نادرة ، كررتها هنا بدلاً من التكلف بجمع ترجمة إنشائية له رحمه الله .
طلب ورغبة : من القائمين على المكتبات العامة والخاصة ممن لديهم مؤلفات للشيخ أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية ( ت 728هـ ) ، والعلامة محمد ابن قيم الجوزية ( ت 751هـ ) ، والحافظ ابن رجب ( ت 795هـ ) ـ مخطوطة ، سواء وردت في هذا الثبت أو لم ترد ؛ تزويدي بها .
وهذه الرغبة موجهة أيضاً إلى الأفراد من باحثين ومالكين أو قيمين على المخطوطات ، وهي كذلك للباحثين المشتغلين بتحقيق تراث الشيخين أو جمعه أو فهرسته
من كل هؤلاء أطلب تزويدي بما يفيد تصانيفهم من خلال الثبت ، مع إشارتي في حواشيه إلى أسمائهم وما عندهم منه ، كما ترى بعضه في هذه الطبعة ، ذكراً لهم وشكراً ؛ لأن هذا العمل بروافد أهله يسير ، وبتناصح المهتمين يزدهر .
وأرجو أن يكون هذا العمل مشروع بحث لجمع مصنفات الأئمة ، وتيسير الإفادة من علومهم ، ووسيلة لتحقيق المقصود بنشر كتبهم وبث علومهم ، وترسم خطاهم ومنهجهم .
وختاماً ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو ، حمداً وثناءً يليق بجلاله وحقه وعظمته ، وأثني بعده بالترحم والدعاء للمشايخ الأئمة : ابن تيمية ، وابن القيم ، وابن رجب ، وأسأل الله بأسمائه وصفاته أن يرفع درجاتهم في عليين ، وأن يجمعهم مع والديهم في الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً ، ونحن معهم برحمة مولانا وجوده وكرمه ، آمين .
ثم أثني بالشكر والثناء لكل من اتصل بي هاتفياً ، أو كتابة ، أو مشافهة ، أو وصية ، وحث على استمرار هذا العمل وشكره وآزره ، وأفاد واستفاد منه ، ومنهم من فتح لي باب مكتبته ، أو مكتبة أسرته ؛ خدمة للعلم وطلابه .
ثم إني على أتم استعداد لتلقي الملاحظات وأخذها بعين الاعتبار ، وسماع الاقتراحات حول الثبت ومنهجه وجمعه .
اللهم اجعله لوجهك خالصاً ، وللزلفى لديك مقرباً ، ولمرضاتك محققاً ، ربنا هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار .
اللهم صلِّ على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه ، وجميع أنبيائك وآلهم ، وسلم تسليماً .
المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبدهورسوله ( ، عبده المصطفى ونبيه المجتبى ، فالعبد لا يُعبد والرسول لا يكذب ، وبعد ؛ فإن نعم الله علينا لا تُحصى وأفضاله ومننه وألطافه بنا لا تنسى ، فالحمد لله حمداً يكافئ نعمه ويوافي المزيد منها . وهذه معشر الأحبة من القراء والباحثين وطلبة العلم من المسلمين والمسلمات إطلالة في الدلالة والإرشاد إلى تصانيف ثلاثة من أئمة الإسلام ، ومعاقد العلم والعمل والجهاد والدعوة والبيان :
1- شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية(661-728هـ).
2- وتلميذه العلامة أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية( 691 - 751هـ ) .
3- وتلميذه الحافظ الفقيه أبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي ( 736-795هـ ) .رحمهم مولاهم رحمة واسعة ورفع درجاتهم في أعلى عليين وجزاهم عن الإسلام وأهله أعظم الجزاء وأوفره .جمعتها من بطون فهارس المخطوطات ورفوفها ، مبيناً فيها اسم الكتاب وشيئاً من وصفه يتضمن عدد ورقاته وصفحاته ، وسنة نسخه ومكان حفظه ورقمه وما يتصل بذلك مما يحتاجه طالب العلم .
وقد جعلت أسماء مخطوطات كل إمام منهم على حدة مرتبين ترتبهم في التقدم والفضل والسن والعصر . لافتاً الانتباه إلى فضل السبق في هذا الجهد من علماء ومشايخ فضلاء ، ومشيداً بفضل المساعد على إنجازه وإتمامه من جهات علمية في بلدنا المعطاء وغيره ، ومشايخ كرام ، وإخوة أعزّ الله بهم دينه الإسلام . فللجميع الدعاء والثناء الجميل بالجزاء الحسن والدرجات العُلى .
والمنهج العلمي المتبع في هذا العمل مبسوط في التوطئة مع طرف من أسبابه ودواعيه ، ومدته ، ونبذة الحافظ الذهبي في شيخه ابن تيمية محققة من كتاب (( ذيل تاريخ الإسلام )) ، وطرف من نقد الشيخ ابن تيمية للمؤلفات والمؤلفين ، ولفتة في تعداد كتب الشيخ ابن تيمية ومقطوعة من نظم ابن القيم في الموضوع .
كما أنني قد نوهت وأشدت بعدد من المشايخ والعلماء والفضلاء ممن تملكوا المخطوطات أو نسخوها أو حفظت ضمن مكتباتهم في البلاد السعودية . والمأمول ممن يطلع عليه ألا ينسى جامعه من دعوة صالحة وذكر حسن ينفعه في الدارين ، وأن يهب الكريم خطأ المخطئ لحسنته ، ونقصه لإصابته ، فالحق قصدت والخير والهداية أردت ، والفضل للسابق على اللاحق .
وقد سميت هذا الجهد المبارك (( الأثبات في مخطوطات الأئمة : شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب )) .
والله المسؤول أن ينفعني به في العاجلة والآجلة ، وأن يمحضه لوجهه الكريم ويرفع به الدرجات ويحط به الخطيئات ، ويستر به السيئات ، ويغفر به الحوبات ، ويعلي به الدرجات في عوالي الجنان ، لي ولوالدي ولعموم المشايخ ، وسائر إخواننا من المسلمين والمسلمات ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
كتبه الفقير إلى عفو ربه الأجل علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل
ليلة الثلاثاء 19/2/1421هـ بالرياض عمرها الله بالإيمان
__________
(1) هما الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل رئيس اللجنة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً ، والشيخ حماد بن محمد الأنصاري ـ رحمه الله ـ محدث المدينة ، وغيرهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق