المقدمة
أن شيخ الإسلام ابن تيمية ، يعد واحدا ، من الأعلام المجددين الذين ساروا على ذلك المنهج القويم ، فقد وقع الإختيار على دراسة اختياراته الفقهية المخالفة للمذاهب الأربعة ؛ ليكون ذلك موضوع بحثي لنيل درجة الماجستير ، وسميته (اختيارات ابن تيمية الفقهية المخالفة للمذاهب الأربعة) عرضا ودراسة .
ونظرا لما كان عليه من علم غزير ، وفقه عميق ، ومكانة علمية عالية ، فقد اعتنى العلماء قديما وحديثاً ، بجمع اختياراته الفقهية ، لاسيما الحنابلة منهم ، كابن مفلح 1 في« الفروع » وابن مفلح المؤرخ 2 في « المبدع » ، والمرداوي 3 في « الإنصاف » و « تصحيح الفروع » . وغيرهم ، ممن جاء بعدهم ، إذ لا يكادون يذكرون اختيارا لابن تيمية ، إلا ويذكرونه مع الاعتبار له ، أو التنويه به ، وربما ترجيحه والاعتماد عليه ، والناظر في اختياراته الفقهية ، يجد أن له اختيارات واجتهادات ، خالف فيها المعتمد ، والمشهور من المذاهب الأربعة ، وهو في تلك الاختيارات لم يصدر عن هواه بل جاءت وفق الأصول التي قررها بادلته، وله سلف فيما ذهب إليه من اختيارات ، وهو بهذه المخالفة للمذاهب الأربعة ، لا يعد خارقا للإجماع ، كما ظن بعضهم ، إذ أن اتفاق الأئمة الأربعة ، ليس بحجة ، وليس هو الإجماع ، الذي يحرم مخالفته ، فالحق ليس محصورا في تلك ا لمذاهب ، بل الحق يدور مع الدليل ، ولا سيما مع وجود قائل به من السلف على وجه محفوظ سواء كان من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أو ممن جاء بعدهم ممن يعول على فقهه.
قال ابن تيمية - رحمه الله - : « وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم ؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة ، ولكن كثير من المسائل ، يظن بعض الناس فيها إجماعاً ، ولا يكون الأمر كذلك ، بل يكون القول الآخر أرجح ، بالكتاب والسنة .
وأما أقوال بعض الأئمة ، كالفقهاء الأربعة ، وغيرهم ؛ فليس حجة لازمة ، ولا إجماعاً باتفاق المسلمين ، بل قد ثبت عنهم ـ y ـ أنهم نهوا الناس عن تقليدهم ، وأمروهم إذا رأوا قولاً: في الكتاب والسنة أقوى من قولهم : أن يأخذ وا بما دل عليه الكتاب والسنة ويدعوا أقوالهم ؛ ولهذا كان الأكابر من أتباع الأئمة الأربعة ، لا زالون إذا ظهر لهم دلالة الكتاب أو السنة على ما يخالف قول متبوعهم اتبعوا ذلك... » 4 دون أن يكون ذلك قادحا فيهم أو يحط من منزلتهم.
كونه قد تقرر عند العلماء ، أن العالم الجاري في استنباط الأحكام على الأصول المقررة عند علماء الأمة ؛ إذا توفرت فيه شروط الاجتهاد فاجتهد فأصاب فله أجران ، وان اخطأ فله اجر.
فعن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله eقال : « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ؛ وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » 5 .
فتبين أن المجتهد مع خطئه له أجر؛ لأجل اجتهاده ؛ وخطؤه مغفور له ، لأن أدراك الصواب في جميع أعيان الأحكام ؛ إما متعذر أو متعسر. وقد قال - تعالى- :{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }6
وقال - سبحانه -:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }7 .
ولكن هذا الاجتهاد الذي يثبت به الأجر للمجتهد ، ويرفع به الوزر، هو ما كان واقعاً من أهل الاجتهاد ؛ الذين استوفت فيهم شروطه.
ولا يختلف اثنان : من أهل الإسلام رسوخ قدم ابن تيمية في هذا الشأن ؛ وأنه قد حاز قصب السبق ، في هذا المجال ، فجزاه الله عن إجتهاده ، وسائر المجتهدين ، خير الجزاء.
وقد يقول قائل : ومن هو ابن تيمية ؟ - حتى يخالف هؤلاء الأئمة الأعلام- ، وهل خفي عليهم ما ظهرله من الأدلة..؟
فأقول : هذا التساؤل مطروح قديما وحديثاً ، وقد أجاب ابن تيمية - رحمه الله- في زمنه عن مثل هذا الإشكال.
فقال : « وإذا قيل لهذا المستهدي المسترشد: أنت أعلم أم الإمام الفلاني؟ كانت هذه معارضة فاسدة ؛ لأن الإمام الفلاني قد خالفه في هذه المسألة من هو نظيره من الأئمة ؛ ولست أعلم من هذا ولا هذا ، ولكن نسبة هؤلاء إلى الأئمة [كنسبة] أبـي بكر، وعمر، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وأبـي ، ومعاذ ، ونحوهم ، إلى الأئمة وغيرهم·
فكما أن هؤلاء الصحابة ، بعضهم لبعض أكفاء في موارد النزاع ؛ وإذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ، وإن كان بعضهم قد يكون أعلم في مواضع أخر؛ فكذلك موارد النزاع بين الأئمة ، وقد ترك الناس قول عمر: وابن مسعود ، في مسألة تيمم الجنب ، وأخذوا بقول من هو دونهما ، كأبـي موسى الأشعري وغيره ، لماﱠ احتج بالكتاب والسنة ، وتركوا قول عمر: في دية الأصابع ، وأخذوا بقول معاوية ، ِلما كان معه من السنة أن النبـي eقال: «هذه وهذه سواء».
وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في المتعة ، فقال له : قال أبو بكر: وعمر. فقال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ! أقول قال رسول الله : وتقولون : قال أبو بكر: وعمر.؟ وكذلك ابن عمر، لما سألوه عنها فأمر بها ، فعارضوا بقول عمر، فتبين لهم أن عمر لم يرد ما يقولونه ، فألحوا عليه فقال لهم : أمر رسول الله e أحق أن يتبع أم أمر عمر؟ مع علم الناس أن أبا بكر وعمر أعلم ممن هو فوق ابن عمر وابن عباس ؛ ولو فتح هذا الباب لوجب أن يعرض عن أمر الله ورسوله ، ويبقى كل إمام في أتباعه بمنزلة النبـي e في أمته ؛ وهذا تبديل للدين ، يشبه ما عاب الله به النصارى ، في قوله : {ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَٰحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَـٰنَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }8 .
ولما كانت بعض المسائل تحتاج إلى تتبع واستقصاء ؛ كان لا بد من التفصيل فيها، وذكر مذاهب العلماء ، وتتبع استدلالهم ، ليتبين القول الراجح فيها على وجه صحيح ، فصار في بعضها طول ؛ لكنني أرجو أن يكون الأمر كما قال الإمام النووي :9 في بداية كتابه المجموع ، « وينبغي للناظر في هذا الكتاب أن لا يسأم من طول بعض المسائل ، فإنها لا تطول إن شاء الله تعالى إلا بفوائد وتمهيد قواعد ، ويحصل في ضمن ذكر مذاهب العلماء ودلائلها وأجوبتها فوائد مهمة نفيسة ، وتتضح المشكلات ، وتظهر المذاهب المرجوحة من الراجحة ،... ويتعرف الأحاديث الصحيحة من الضعيفة ، والدلائل الراجحة من المرجوحة ، ويقوى للجمع بين الأحاديث التي تظن متعارضات ، ولا يخفى عليه بعد ذلك إلا إفراد نادرات ، وبالله التوفيق » 10 .
أسباب اختيار هذا الموضوع:
ومما دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أسباب كثيرة منها :
-
الرغبة في الإطلاع على فقه هذا الإمام العظيم ، والاستفادة منه ، والمشاركة في خدمة علمه ، ولذلك فقد كانت النية الأولى عندي هي دراسة ( مسائل الإجماع عند شيخ الإسلام ابن تيمية) غير أن توجيه أستاذي الفاضل الدكتور محمد بن عبد الواحد الشجاع لدراسة ( اختيارات ابن تيمية الفقهية ) كان هو المترجح لديﹼ، وهو المختار، و فيه الخير إن شاء الله تعالى.
-
أن شيخ الإسلام ابن تيمية : كان موضع اهتمام وعناية ، من علماء عصره ، والذين أتوا بعده ، إلى عصرنا هذا ، فرغبت في المشاركة في خدمة علم هذا الإمام ، بجمع ودراسة اختياراته الفقهية ، المخالفة للمذاهب الأربعة ، كما أبرز العلماءُ وطلبة العلم من قبل منهجيته في العقيدة ، والحديث ، وأصول الفقه ، واللغة ، والتربية ، وغيرها.
-
بغية الوقوف على اختياراته الفقهية ، المخالفة للمذاهب الأربعة ودراستها ، فان ذلك رد عملي على من يقول : بان الحق لا يخرج عن المذاهب الأربعة.
-
اعتماد كثير من أهل العلم - المحققين منهم- قديما وحديثا ، على اختياراته الفقهية ، سواء منها ما جمع في مجموع الفتاوى ، أو الفتاوى الكبرى ، أو ما نقله عنه تلاميذه.
-
حاجة طلبة العلم للتعرف على مناهج العلماء العلمية ، -وخاصة المحققين منهم ، كابن تيمية - للاستفادة منها ، والأخذ بها.
-
تميز اختياراته الفقهية ، بحرية الفكر ، القائمة على أساس الأخذ بالدليل ، والعناية بالعقل ، وتشبع فقهه بالاستنباطات ، والمفهومات العلمية ، وغير ذلك من الخصائص .
-
إبراز محاسن هذا الدين ، وأنه مبني على اليسر والسهولة ، جاء بتحقيق المصالح وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها ، ففي اختيارات ابن تيمية الفقهية ، تطبيق عملي لذلك كله ، وفيها حلول لكثير مما يقع الناس فيه من الحرج بسبب الفتاوى المذهبية ، كمسائل الطلاق ، والرضا ع ونحوها.
خطة البحث :
وقد اشتملت خطة البحث – بعد المقدمة – على تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة . وهي على النحو التالي:
المقدمة : وتحدثت فيها عن مكانة العلماء عموما وشيخ الإسلام ابن تيمية خصوصا، وعناية العلماء باختياراته الفقهية ، وبينت فيها أسباب اختيار الموضوع ، ومنهجي في البحث ثم ختمت المقدمة بشكر أهل الفضل بعد الله عز وجل ، وخطتي فيه كالتالي :
التمهيد:
وفيه مبحثان .
المبحث الأول : ترجمة مختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية.
المبحث الثاني : الإجماع و مكانته عند شيخ الإسلام ابن تيمية.
الفصل الأول : (اختيارات ابن تيمية الفقهية المخالفة للمذاهب الأربعة (قسم العبادات).
وفيه ستة مباحث :
المبحث الأول : اختياراته في مسائل الطهارة ، وفيه أربع عشرة مسألة.
المسألة الأولى : حكم الماء المستعمل.
المسألة الثانية : حكم المائعات غير الماء،إذا وقعت فيه النجاسة.
المسألة الثالثة : حكم المسح على اللفائف.
المسألة الرابعة : أيهما أفضل اغسل الرجلين أم المسح على الخفين؟
المسألة الخامسة: الخلاف في بعض شروط المسح على الخفين.
المسألة السادسة : حكم فيما إذا نزع خفيه بعد المسح على الخفين وقبل تمام المدة ·
المسألة السابعة : الخلاف في شروط المسح على العمامة.
المسألة الثامنة : إذا مسح على العمامة ثم نزعها فهل تبطل الطهارة؟
المسألة التاسعة : حكم غسل الجمعة .
المسألة العاشرة: حكم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة.
المسألة الحادية عشرة: حكم الطهارة الصغرى للطواف
المسألة الثانية عشرة : اقل السن الذي يأتي فيه الحيض.
المسألة الثالثة عشرة : أكثر الحيض.
المسألة الرابعة عشرة : اقل الطهر بين الحيضتين.
المبحث الثاني :اختياراته في مسائل الصلاة .
وفيه أربع مسائل :
المسألة الأولى: حكم الجمع بين الصلاتين في الحضر.
المسألة الثانية : حكم القضاء لمن ترك الصلاة عمداً.
المسألة الثالثة :المسافة التي يجوز فيها قصر الصلاة للمسافر.
المسألة الرابعة : مدة القصر للمسافر بعد بلوغه البلد المسافر إليها.
المبحث الثالث : اختياراته في مسائل الزكاة .
وفيه مسألتان:
المسألة الأولي: ما أخذه الإمام من المكس بنية الزكاة هل يحسب من الزكاة أم لا؟
المسألة الثانية: حكم إعطاء الزكاة لبني هاشم إذا منعوا من الخمس
المبحث الرابع : اختياراته في مسائل الصيام .
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى : حكم من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين له طلوع النهار .
المسألة الثانية : في حكم من أفطر يوم الشك يظنه من شعبان فتبين أنه من رمضان.
المبحث الخامس : اختياراته في مسائل الحج .
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى: ما يلزم المتمتع من الطواف.
المسألة الثانية : حكم عقد الرداء في الإحرام.
المسألة الثالثة :حكم طواف الحائض.
المبحث السادس : اختياراته في مسائل الأضاحي .
وفيه مسألة واحدة :
وهي: حكم الأضحية بما هو دون سن الجذع من الضأن.
الفصل الثاني : اختيارات ابن تيمية الفقهية المخالفة للمذاهب الأربعة ( قسم أحكام الأسرة - الأحوال الشخصية ) .
وفيه ستة مباحث :
المبحث الأول : اختياراته في مسائل النكاح .
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : حكم خدمة المرأة لزوجها.
المسألة الثانية : حكم وطء الوثنيات بملك اليمين.
المبحث الثاني : اختياراته في مسائل الطلاق .
وفيه سبع مسائل :
المسألة الأولى : حكم طلاق الغضبان.
المسألة الثانية : حكم طلاق السكران.
المسألة الثالثة : طلاق الحائض.
المسألة الرابعة : طلاق الرجل زوجته في طهر جامعها فيه.
المسألة الخامسة : طلاق الثلاث.
المسألة السادسة : الحلف بالطلاق.
المسألة السابعة : الطلاق في عدة الطلاق الرجعي.
المبحث الثالث : اختياراته في مسائل الرضاع .
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : حكم رضاع الكبير وهل يثبت به التحريم أم لا ؟.
المسألة الثانية : هل يثبت تحريم المصاهرة بالرضاع أم لا ؟.
المبحث الرابع : اختياراته في مسائل الخلع والرجعة .
وفيه مسألتان :
المسألة الأولي : هل الخلع فسخ أم طلاق ؟.
المسألة الثانية : حكم الإشهاد على الرجعة.
المبحث الخامس : اختياراته في مسائل العدد .
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولي : عدة المختلعة.
المسألة الثانية : عدة المطلقة آخر التطليقات الثلاث.
المسألة الثالثة : عدة البكر من الإماء.
المبحث السادس : اختياراته في مسائل الإرث والنفقات .
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : حكم ارث المسلم من الكافر.
المسألة الثانية : هل الإخوة المحجوبون بشخص يحجبون الأم أم لا ؟.
المسألة الثالثة : حكم نفقة الأقارب ، الذين لا يرثون بفرض ولا تعصيب.
الفصل الثالث : اختيارات ابن تيمية الفقهية المخالفة للمذاهب الأربعة ( قسم المعاملات المالية ، ومسائل متفرقة) .
وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : اختياراته في مسائل البيوع .
وفيه أربع مسائل :
المسألة الأولى : حكم بيع العصير بأصله.
المسألة الثانية : حكم بيع جميع البستان إذا صلح نوع منه.
المسألة الثالثة : حكم البيع بشرط البراءة من العيب.
المسألة الرابعة: حكم بيع أمهات الأولاد.
المبحث الثاني : اختياراته في مسائل الإجارة والمسابقة .
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى : حكم إجارة الأعيان .
المسألة الثانية: حكم اخذ الأجرة على تعليم القران.
المسألة الثالثة : حكم المسابقة بلا محلل.
المبحث الثالث : اختياراته في مسائل متفرقة .
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : حكم التسمية على الذبيحة.
المسألة الثانية : حكم القصاص في اللطمة والضربة.
المسألة الثالثة : حكم قتل شارب الخمر بعد الرابعة.
منهج البحث:
يتلخص منهجي في إعداد هذه الرسالة في النقاط التالية :
1-جمعت اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية -المخالف فيها للمذاهب الأربعة -؛ وذلك بالرجوع إلى مظان اختياراته الفقهية وهي مجموع الفتاوى ، والفتاوى الكبرى ، ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية ، والفروع لتلميذه ابن مفلح ، والعقود الدرية لتلميذه ابن عبد الهادي ، والمبدع لابن مفلح المؤرخ ، واختيارات ابن تيمية لبرهان الدين ابن القيم 11 ، والاختيارات الفقهية للبعلي 12 ، والإنصاف للمر داوي .
2-منهجي في إثبات اختيار ابن تيمية يكون بأحد أمرين :
الأمر الأول : أ ثبات ما نقله عنه تلاميذه ، كابن القيم ، وابن عبد الهادي ، وابن مفلح وغيرهم أو حكاه عنه من اعتني باختياراته . كبرهان الدين ابن القيم ، والبعلي .
الأمر الثاني : أن يوجد في مجموع الفتاوى ، أو في الفتاوى الكبرى ، قوله : بعد حكايته لمذاهب العلماء : والصواب كذا ، أو الأصح كذا ، أو الراجح كذا ، أو اصح القولين كذا... إلى غير ذلك من الألفاظ القريبة التي تشعر بان هذا هو اختيار ابن تيمية في المسألة .
3- إذا اختلف النقل عن شيخ الإسلام بين ما نقله عنه تلامذته وبين ما هو موجود في كتبه في اختيار مسألة من المسائل ؛ فإنني أعتمد أختياره في المسالة ما نقله عنه خاصة تلاميذه.
4-حررت أقوال الفقهاء ، وخاصة المعتمد من المذاهب الأربعة ؛ وذلك بالنقل عن كتبهم المعتمدة والتي تعتبر مرجعا في تحرير مذاهبهم ، ولم انقل من كتب الحنفية مثلا: مذهب الشافعية ، أو غيره، طلبا للدقة في نسبة الأقوال وتحرير المذاهب ، ولم اكتف بالإحالة ، بل نقلت نصا من النصوص ، الدالة على المذهب ، توثيقاً للمعتمد من المذهب ، نظراً لتعدد الروايات والأقوال ، في المذهب الواحد.
5-إذا كان في المذهب الواحد أكثر من قول لأصحابه ، اعتمدت المشهور والمعتمد من المذهب ، ومنهجي في إثبات المعتمد والمشهور من المذهب ، اعتماد ما صرح به المحققون في المذاهب ، بأنه كذلك ، كابن عابدين من الحنفية ، وابن عبد البر من المالكية ، والنووي من الشافعية ، والمرداوي من الحنابلة ، وغيرهم ، من اعتنوا بكتب مذاهبهم ، وحققوا المعتمد والمشهور فيها.
6-أضفت إلى المذاهب الأربعة ، في غالب المسائل الفقهية ، مذهب الظاهرية ، والزيدية.
7-بالنسبة لأدلة المذاهب ، تارة أنقلها عن كتبهم ، وتارة استدل بها لهم ، وان لم يذكروها من ضمن أدلتهم ، مما فيه دلالة على أقوالهم ؛ وكذا الحال في أدلة شيخ الإسلام ابن تيمية.
8-بينت الراجح من الأقوال بما تقتضيه الأدلة ، وتحريت الإنصاف في مناقشة الأدلة مع التزام أدب الخلاف في بيان الراجح.
9-عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، وذكرت رقم الآية ، مع الالتزام بالرسم العثماني للمصحف الشريف.
10-خرجت الأحاديث النبوية ، من مصادرها المعتمدة ، وما كان في الصحيحين أو في أحدهم، فأنني اكتفي بالعزو إليه أو اليهما فقط ، وما كان في غيرهما ، فقد بينت درجته من حيث الصحة والضعف غالباً.
11-ترجمت للأعلام المذكورين في صلب البحث ، ولم أستثنِ إلا الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين - ، وكذا الأئمة الأربعة ، وذلك لشهرتهم شهره تغنى عن التعريف ، وكذا لم أترجم للمعاصرين طلبا للاختصار وخشيه الإطالة .
12-عرفت بعض المصطلحات العلمية الواردة في الرسالة٠
13-فسرت بعض الألفاظ الغريبة ، من كتب اللغة ، وغريب الحديث ٠
14-وضعت في آخر الرسالة فهارس علمية ، تسهل الرجوع إلى مواضيع الرسالة ، وهي على النحو التالي :
-
فهارس الآيات القرآنية .
-
فهارس الأحاديث النبوية .
-
فهارس الآثار.
-
فهارس الأعلام المترجم لهم .
-
فهارس المصادر والمراجع.
-
فهارس الموضوعات.
وختاماً:اشكر الله - العلي القدير- الذي أعانني على كتابة هذا البحث ؛ فله الحمد والمنة ، ثم أصل ذلك بالشكر الجزيل ، لرئاسة جامعة صنعاء ، وعمادة الدراسات العليا بكلية الآداب ، وكافة المنتسبين إليها ، على إتاحة الفرصة لي ، في إعداد هذه الرسالة .
كما أتقدم بالشكر الوافر، والعرفان الجميل ، لشيخي الفاضل -المشرف على الرسالة –الأستاذ الدكتور علي بن عبدالجبار السروري -حفظه الله- الذي لم يبخل عليﹼ بتوجهاته العلمية وملحوظاته المنهجية فجزاه الله عني خير الجزاء وأجزل مثوبته ورفع درجته في الدارين.
ويعجز لساني ، ويقصر بياني عن شكر أستاذي الفاضل ، الدكتور عبد الله بن محمد مشبب – المشرف المساعد – الذي أفادني بعلمه ، وغمرني بحسن توجيهاته وكريم أخلاقه ، والذي لم يبخل عليﹼ بجهده ووقته ، فإنه بذل معي جهودا عظيمة ، ووجهني في جميع مراحل إعداد الرسالة ، فله مني جزيل الشكر، وعظيم الامتنان ، ومن الله القبول والمثوبة ، بمنه وكرمه ، وبارك الله له في وقته وعمره ، آمين.
1 ستأتي ترجمته عند ذكر تلاميذ ابن تيمية
2 هوالقاضي برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي ، من اشهر مؤلفاته : المبدع في شرح المقنع ، توفي سنة 884هـ.
انظر ترجمته في : شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، لعبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي، 4/338 طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت، بدون تاريخ ، و الفتح المبين في طبقات الاصوليين ، لعبدالله مصطفي المراغي 3/49 ، الناشر: محمد أمين دمج وشركاه ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1394هـ- 1974م ،.
3 هو العلامة المحقق علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المر داوي السعدي ،من مؤلفاتة الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ، وهو كتاب عظيم الفائدة في معرفة الصحيح من المذهب الحنبلي ، توفي سنة 885 هـ
انظر ترجمته في: الجوهر المنضد في طبقات متاخري اصحاب أحمد ، لابن المبرد :يوسف بن حسن بن عبد الهادي ، تحقيق : د عبدالرحمن بن سليمان العثيمين ص99 ، طبعة مطبعة المدني ،القاهرة ، الطبعة الأولى 1407هـ ،،و شذرات الذهب 4/340 ، والفتح المبين 3/53 .
4 مجموع الفتاوى ، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، بدون تاريخ ، 20/10و11
5 الحديث : أخرجه البخاري ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ،6/2676برقم 6919 ، و مسلم ، كتاب الاقضية ، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ، 3/1342برقم 1716
6 الحج: من الآية78
9 هو أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي ،الشافعي ، من اعلام الفقه والحديث، من مؤلفاته المجموع شرح المهذب ، والمنهاج في شرح صحيح مسلم ، توفي سنة 676هـ.
انظر ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى ، لأبي نصر عبد الوهاب بن علي السبكي ، تحقيق : د.عبد الفتاح محمد الحلو د.محمود محمد الطناحي 8/395-400 طبعة هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، الجيزة ، ط الثانية ، 1412هـ- 1992 م ، و طبقات الشافعية ، لأبي بكر بن أحمد بن قاضي شهبة ، تحقيق : د. الحافظ عبد العليم خان ، 2/153-157 ،طبعة عالم الكتب ، بيروت ، الطبعة الأولى 1407هـ ، و النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، لأبي المحاسن يوسف بن تغرى بردى الأتابكي، 7/278 طبعة المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ، مصر ، بدون تاريخ ، .
10 المجموع شرح المهذب ،محيى الدين بن شرف النووي ، تحقيق : محمود مطرحي ، 1/146 طبعة دار الفكر، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1417هـ – 19
11 هو إبراهيم بن محمد بن أبى بكر بن أيوب الشيخ العلامة برهان الدين ابن الشيخ العلامة شمس الدين المعروف بابن قيم الجوزية ، كان عالما في الفقه والنحو ، وذكر من ترجم له انه شرح ألفية ابن مالك شرحا سماه : إرشاد السالك إلى حل ألفيه ابن مالك ، توفي 767هـ. انظر ترجمته في : البداية والنهاية (14/314) ، و المقصد الأ رشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ، لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح عبد الرحمن بن سليمان العثيمين مكتبة الرشد للنشر والتوزيع الرياض الطبعة الأولى ،1410هـ 1990م ،1/235 ، الدرر الكامنة 1/65 .
12 هو أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي ، الشيخ ، الإمام ، المشهور بابن اللحام ، شيخ الحنابلة في زمانه ، من مولفاته : الاختيارات العلمية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، توفي سنة 803هـ.
انظر ترجمته في الجوهر المنضد ص81 ، الأعلام ، لخير الدين الزركلي 4/297 طبعة دار العلم للملايين ، بيروت، ط14 ، 1999 م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق